++ فن الانسحاب ++
الانسحاب من حياة بعض الأشخاص ، لا يعني الاستسلام ، بل غالباً يعني أنك صمدت طويلاً من أجل شيء لا يستحق.
انسحاب جيد خير من مقاومة سيئة.
وقد تنهزم ما دام الانسحاب غير موجود في خياراتك .. فالحياة تخبرنا أن هناك كثر ممن انسحبوا كانوا قريبين جداً من نيل مبتغاهم
السعادة في الحياة ليست بخوض جميع معاركها ، فالانسحاب البارع هو في الحقيقة نصر مؤزر . 
الانسحاب الذي يحفظ كرامتك بحد ذاته انتصار . الانسحاب ليس ضعفاً في كل الأحوال بل دليل على حكمة وتبصر ، والإقدام ليس الأفضل دائماً
ليس كل مُنسحِب جبانا، ولا كل ثابت شجاعا، بعض الانسحاب شجاعة، وبعض الثبات جُبن، فالاعتذار انسحاب من ساحة الظلم، والاصرار على الأذى ما هو إلا ثبات على الباطل؛ لا أخفيكم سرا أني أحترم وأُقدِّر أولئك الأشخاص الذين يملكون شجاعة ؛ ومغادرة القطار ما دامت وجهته خاطئة، وآسى على أولئك الذين يستمرون وهم يعلمون أن نهاية الطريق ما هي إلا فشل وخذلان.
في كل يوم نتخذ العديد من القرارات، منها ما هو بسيط جدا لا يحتاج كثيرَ تفكير، ومنها ما هو مصيري وقد يكلفك كثيرا من الجهد أوالعمر أو المال أو العواطف والأحاسيس، وهنا بيت القصيد… فمما لا شك فيه أن التأني في اتخاذ القرار حكمة، ودراسته من جميع زواياه فطنة؛ والمضي فيه يحتاج عزيمة من حديد، لكن التراجع عنه في كثير من الأحيان يحتاج شجاعة، شجاعة كبيرة وصبرا أعظم على الخسائر، يحتاج أن ندرك حجمنا وحدود قدراتنا، وأن نقبل أنفسنا كما هي ولا نكلفها ما لا تطيق . 
وبعض العاهات لا دواء لها إلا البتر، البتر مؤلم ورؤية الجسد ناقصا ليس بالمنظر الذي تحبه العيون، لكن الطبيب يختاره مُكرَها لأن الكل أهم من الجزء
إن “فن الانسحاب” فنٌ ينبئ عن شخصية واثقة من نفسها، مجيدةٌ لقدراتها، متمكنة من موهبتها.. شخصية تمتلك قدرةً عاليةً على قراءة المشهدِ والتنبؤِ بالمستقبل وسبرِ مآلات الأمور..
إنـه بحقٍ يشبهُ من يُجيدُ القفز من السفينة بسلامٍ قبل أن يباغتها الغرق في أمواج الحياة المتلاطمة..
ولذلك تجد هذه الفئة من الناس تتخذُ قرار الانسحاب بنفسها قبل أن يتخذه غيرها.. ومن يجيدُ توقيت قرار الانسحاب يحتفظ لنفسه بنقاط إيجابية كثيرة تعود على شخصيته بمنافع نفسية وحياتية وفكرية ويظلُ مرغوباً فيه في غير ميدان.. كما أن من يجيد هذا الفن يكون غالباً بمنأى عن الخسائر ولحظات التأسف والندم، لأنـه بكل بساطة يُجيدُ “فن الانسحاب”..
د. حسين الكويدلاوي
.........................